حبيبتي زنبقه صغيره
حبيبتي زنبقة صغيرة تترنَّم سعيدة مع عصافير الفجر، أمَّا أنا فعوسج حزين قد ألف نعيق الغربان وآهات الدُّجى...
حبيبتي نجمة فضِّيَّة تتلألأ في علياء السَّماء، أمَّا أنا فصخرة صمَّاء تتكسَّر عليها أمواج الدَّأماء...
حبيبتي حديقة غنَّاء تتمايل فيها أشجار النَّارنج والياسمين، أمَّا أنا ففلاة جرداء تطوف فيها أخيلة البؤس والشَّقاء...
حبيبتي قصيدة محبَّة وغزل، أمَّا أنا فكلمات غامضة وجمل ركيكة بلا معنى ولا مضمون...
حبيبتي جدول يسير مترنِّما نحو البحر، أمَّا أنا فجدول مياه بين الجبال يعكس بهدوئه المحزن رسوم الأشباح وألوان الغيوم وخطوط الأغصان...
حبيبتي إكليل من الورد والأنوار، أمَّا أنا فإكليل محبوك من قضبان العوسج والشَّوك الدَّامي...
حبيبتي ما تزال بعد طفلة صغيرة بريئة تتدحرج على أعشاب الخمائل والتِّلال، أمَّا أنا فشيخ هرم قد استند على عكَّازه الخشبيِّ وأخذ يسير بتؤدة وبطء نحو القبر...
لقد كنت مثلك يوما يا حبيبتي الجميلة، ويوما سوف تصيرين مثلي...
لقد كنت أحسب مثلك يا حبيبتي الصَّغيرة أنَّ الدُّنيا مفروشة لنا بالورد الجوريِّ، وستدركين مثلي كم هي مدمية طرقات هذه الحياة ودروبها...
لقد كنت أحسب مثلك يا حبيبتي الحلوة أنَّ جميع الأنام يضارعون الثَّلج نقاء، والماس صلابة، والعلاء إباء، وشمس أيلول دفئا، ونسائم نيسان رقَّة، وستدركين مثلي أنَّ هؤلاء الذين ندعوهم بشرا ليسوا إلَّا في الحقيقة ذئابا متوحِّشة وكواسر مفترسة، قد انتصبت في كلِّ مفرق طرق مكشِّرة عن أنيابها الحادَّة فاغرة أفواهها منتظرة ضحاياها، إلَّا من رحم ربِّي...